القدر كبرى اليقينات الكونية بقلم الأديب وليد خالد الجيلكي من كردستان /العراق

"القدَر كبرى اليقينات الكونية"
         -وَطر القدر-
الجزء الثالث 

لَيسَ في العُلوم الحياتية ما يَختصُ ب(القدر) للناطقينَ بِشتى لُغاتِ العاَلم،مِثلما يَفتَقر الكَثيرَ مِنَ ألمسلمينَ إلى هَذا الموضوع الحَيوي،،،وَمن هُنا تأتي أهمية هَذا ألمُوضوع...
إن مانعنيهِ بالقدر-هنا-لايقتَصر على مَنهج مُحدد،كَما يُوحي المصطلح،بِل يَنطبِق أيضاً عَلى المعنى الحَرفي الفلسفي المتَعلق بِفَلسفةِ الواقع،وَالوُجود الإنساني،وَ المَبنيَة عَلى مُختَلف المَفاهيم الدينِية،وَ العلمِية..

الجانب الإيماني:-
القَدَر في الإسلامَ هُو حُكم الله تعالى،أي التحَكم،وَ السَيطرة على كُلِ شَيء،وَما قدرهُ مِن الأشيَاء بِقدرتهِ في سَابقِ عِلمه،وَ كَذلكَ للإيمان بِالقدر أهميَة بَالغة بَين أركان الإيمان عِند المُسلمِين، حَيث ورِدَ التَنصيص في السنّة النَبوية الشَريفة عَلى ضرورَة وَوجوُب الإيمان بِالقدر خَيره وَشَره مِن الله تعالى،والقدر هو تَقدير الله تعالى للكَائناتِ بِسابق عِلمه،و اقتضتهُ حِكمته.
إن الله تعالى هو وَحده القادر على كُل شَيء بِقدرة مُطلقة،فَلا يَعجزهُ شَيء أبداً،وَبِقدرتهِ خَلق الخَلق وَأوجدَهم مِن العَدم،وقَدَّر الأشياءَ كُلها قَبل حُدوثَها،وأعطَى كُلَ شَيءٍ خَلقه ثُم هَدى،قال تعالى"وَخَلَقَ كُلَ شيء فَقَدَّرهُ تَقديراً"،وقال أيضا "إنَا كُلَّ شَيءٍ خَلقنَاهُ بِقَدر".
يَقُولُ الإمَام الشَافِعي:-
أحسنتَ ظنّكَ بِالأيامِ إذ حسنتُ 
 وَلَمْ تَخَفْ سُوءَ مَا تأتي بِهِ القَّدرُ.
إنَ الإنسانَ لاَ يَخلِقُ أفعَالَ نَفسِهِ وَأن العَبدُ مُخيرٌ،وَلَيسَ مُجبَراً مِن كُل الوُجوه،بَل إنَ الله تعالى خَلقَ لَهُ قدَرهُ،وَإختيَار الذي يُمَكنهُ العَمل لِيُجازي عليه،فَالله تعالى هُو الَمُحرِك الأوَل للأشيَاءَ جَميعاً،وَيولدَ الرُوحَ،وَالطَاقةَ بِكلِ شَيء،قال تعالى"وَمَا تَشاؤُونَ إلا أن يَشاءَ الله"، وانَ الخَلقَ لَيسَ لَهم فِيما يَفعلونهُ إلا نَوع مِن اكتِساب،وَمحَاولة،وَنِسبة،وَ إضافَة،قال تعالى"وَلو شَاءَ رَبُكَ مَافَعَلوه"، أي أنَ الله تَعالى هُوَ الذي خَلَقَ لَهم قدره عَلى الأفعَال وَلو شَاءَ الله تَعالى لَسلبَهم القدرة،وَلَم يَستَطيعوا فِعلَ شَيء.
يَقولُ جلَ جلالهُ "إنَا أنزلنَاهُ في لَيلَةِ القَدر"، أي الحُكمَ فِيهَا بِما جَعَلهُ مِن لَيلة مُبَاركة فِيهَا تُفتح أبوابَ السمَواتِ،وَ تَنزل المَلائِكة،وَيُستَجابَ الدُعاءَ فِيها.
يَرى الجانِب الصُوفي مِن القدر بِأنها الإِحسان،وَهوَ أحد أركان الدين،وَالعَقيدة،وَالإيمان،وَ تَحَليها بِالفَضائل الَذي هوَ رُكن مِن أركَان الدين الأسلامي،وَالإيمَاني .
قالَ أحمد بن عجيبه: "مَقامُ الإسلامَ يُعَبر عَنهُ بِالشَريعَة،وَمَقامُ الإيمانِ بِالطَريقة،وَمَقامُ الإحسانِ بِالحَقيقية"، فالقدرُ مَقامٌ يُعبر عَنهُ بِالطَريقة،وَالبَحثُ عنهُ،وَالتَدرج ،وَالتَخلل فِيه بَحثاً للوُصول إلى الحَقيقة،وَ(الشَواهد) في تَجليَات الظَواهر،فَهوَ الإنتِقال مِن المَنقول(الإيمان)إلى المَعقول(الشَواهد).
إنَ الله تعالى يَجعل لِكلِ شَيءٍ خَاصيته،وَلهُ السَيطره عَليه مِنها ثَابتة.وَمِنها مَايُغرهُ الله تعالى لِمنفعة البَشرية،وَهو فِعل خَيّر،قال تعالى"مَا أصَابَكَ مِنْ حَسَنةٍ فَمن الله" ،فَفعل القدر هِيَ مِن الكُليات في الجَوهرةَ،وَعَمل الإنسان بِها هي مِن الجُزئيَات،فَلابد الإنتقال مِن الجُزئيَات إلى الكُليات.

الجانب الفلسفي:-
القَضاءَ وَ القدر شَيئَان مُتَرادِفان في حَياتِنا اليَومية ،لَكن فِيما يَتعَلق بِالفلسَفه فَقد اكتَسب مَعاني مُختلِفَة.
نَرى ان الفَيلَسوف (شُوبنهَاور) بِقولهِ إنَ القدر مُجرد مَظهر مِن مَظاهر الرَغبَة في العَيش الَذي لهُ دَافع رَئيسي للحَياة،فَالحيوانُ لا يُمكنهُ أن يَمتلكَ رَغبة،وَلكن الإنسانُ يَستطيع أن يَرى الحَياة مِن خِلال أثرَها،لِذا فَهي الرَغبة الأساسية،لَكن هذهِ الرَغبه هيَ مَحض اللا عَقلانية،وَإن الرَغبة البَشرية تُساوي القدر فَهي غَير مَنطقية ،وَغَير مُتحدِدة الإتجاه،وَبِالتَبعية،فإنَ الرَغبة في الحيَاة يُمكن أن تَكون في نَفس الوَقت التَعايش وَخيار تَغيير القَدر نَفسهُ عَن طَريق الفَن،وَالأخلاق،وَالزُهد.
نيتشه:إن القَّدر يَبقى عَلى شكل(حُب القَدر)Amor Fati مِن خلال عُنصر مُهم إسمهُ"الرغبَة في السُلطة" ،الذي يَنطبق على جَميع الكَائناتِ الحيَة،لَكن في نِهاية المَطاف أخذَ هَذا المَفهومَ لِما هو أبعَد ،وَحوّل فِكرة مَسألة مَراكز القُوة إلى مَسألة مَراكز السُلطة كَما سَيكون قَدر البَشَرية لِمواجهة(حُب القَدر) .
إن الإنسان لهُ حَق الإختيار في الحَياة،وَهذهِ هي القدرة على إتخَاذ الأمور،فَاختيارُ الإنسان للأشياء هي بِحد ذَاتِها قُدرة،وَفي الشيءِ نَفسهِ قَدراً أيضاً،لأنَ القُدر هي الخَاصيه في المَادة نَفسها ،فَشاءَ الله تعالى أن يَجعلَ السماءَ مُكونة مِن دُخان،وَالأرضَ مِن تُراب،وَأنَ المعادِنَ مِنها صَلباً،أو سَائلاً،إلا أن إختيار الإنسان للأشيَاء مِن الناحية الجُزئيه يَكون نسبياً،وَذلكَ لِتحول خَواصَها الفيزيائية،فَمن المَادة بإمكانها أن تتَحول مِن الصَلب إلى السائل(الإنصهار)،وَمن ثُمَ الى بُخار كَما هوَ المَاء،وَكَما ظهر مؤخراً مايُسَمى فَايروسِ كُورونا،الذي كانَ سَببهُ التلاعب بِموازين الخَلق الَذي جَعلهَا الله عز وَجل نامُوساً ثابتاً.

وليد خالد الجيلكَي /كردستان العراق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مازالت هناك كلمات/بقلم الأستاذة كرون شهرة